استقصى الناقد الدكتور سعيد العوادي “إنسانية شاعر الحمراء” من خلال قراءة نصية في قصيدة “اللهَ في البؤساء”. منوها، منذ البداية، إلى أن الشاعر المراكشي محمد بن إبراهيم (1897م-1955م)، الذي سمّى نفسه “شاعر الحمراء” في مختتم قصيدته الرائقة التي ألقاها أمام ملك السعودية المرحوم عبد العزيز آل سعود.
لم يكن شاعر مراكش فحسب، بل كان شاعر المغرب كلّه يمتدّ صوته إلى ربوع الوطن العربي. يقول عباس الجراري في هذا الصدد: «هذا الشاعر الذي ارتبط اسمه بمسقط رأسه مراكش الحمراء، وإن تعدى صداه مختلف حواضر المغرب وأقطار أخرى غيره؛ في تألق دام نحوا من ثلاثة عقود، على مدى سنوات الثلاثين والأربعين والخمسين، ملأ خلالها حيزا من ساحة الشعر وشغل الناس؛ وأظنه مازال يعتلي هذا الموقع، وإن مضى على وفاته زهاء نصف قرن». وقد نظم شاعر الحمراء في مختلف الأغراض الشعرية من مدح ورثاء وغزل وهجاء، وتسللت إلى شعره روح الفكاهة والظرف، كما عالج جملة من القضايا الفردية والاجتماعية والسياسية. فكان شعره وثيقة حضارية تسجلّ نبض المجتمع المغربي زمن تكالب المصالح الاستعمارية عليه. وللاقتراب من التجربة الشعرية الاجتماعية لشاعر الحمراء، عمد الناقد العوادي إلى تحليل قصيدته الذائعة “اللهَ في البؤساء”، للكشف عن مضامينها، وما توسلت به من أساليب فنية وبنائية. القصيدة التي ألقاها الشاعر محمد بن إبراهيم سنة 1934 بمناسبة تأسيس الجمعية الخيرية بمدينة مراكش.
لقد أُريد لشاعر الحمراء أن يكون شاعرا لاهيا من الطراز الأول، ونسجت حول ذلك حكايات ومواقف أضاف إليها المخيال الشعبي إضافات مشوِّهة، مما كان له دوره البارز في عدم الالتفات إلى ممكنات شعرية أخرى برع فيها هذا الشاعر الاستثنائي، ومنها الممكن الإنساني الذي ظل مرافقا لتجربته الشعرية يجهر بصوته حينا ويجمجم أحيانا؛ وهو ما حاولت مداخلة الناقد سعيد العوادي التركيز عليه من خلال تحليل نصي متكامل لقصيدته المعروفة “اللهَ في البؤساء” التي أبانت عن رقة ونبل إنسانيين يملآن قلب الشاعر المراكشي محمد بن إبراهيم.
تعليقات
إرسال تعليق